ينسج هذا الكتاب نصوصًا تتشكل في خيالها، فتتصالح مع وقتها الضائع في المطبخ، وتغوص في تعداد الطوابق والأطعمة والنكهات. أي تشابه مع أشخاص حقيقيين (أحياءً وأمواتًا)، أو أماكن، أو أحداث في عصرنا هو محض صدفة. كل شيء يتجه نحو الهلاك، ولا يبقى إلا أثر. وأثر الكتابة على التأليف هو الكتابة، "العشب الأبدي" الذي قد لا يغير العالم، لكنه يحمل صوته وضميره. للكاتبة لمياء نويرة بوكيل ثلاث مجموعات قصصية، اتسمت معظمها بالواقعية. قالت: "الكاتب هو قبل كل شيء ابن عصره، ومجتمعه، وانتمائه المحلي والكوني". في عام ٢٠١٨، نشرت الكاتبة المجموعة الأولى من خمسة وأربعين نصًا، بعنوان "سفر في قبضة اليد". وكتاب ثانٍ صدر عام ٢٠٢٠، يضم اثنتي عشرة قصة بعنوان "قرية بوتيرو". فازت القصاصة بجائزتين عربيتين عن قصتها القصيرة، ولها كتابات للأطفال قيد المراجعة ورواية للشباب قيد الكتابة. كما تواصل كتابة القصص القصيرة ونشرها في الصحف الورقية والمجلات الإلكترونية. التقطت الكاتبة قصصها بأحداثها وشخصياتها، ومكنتها من حياة الشارع وأماكنه، ومن حولها، نساءً ورجالاً وأطفالاً، بسطاء وبائسين، ممن يشبهونها ويشاركونها القلق والخيبة، الهم والحلم، الأمل والشوق، الذين يصارعون متطلبات الحياة، ووطأة التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ومع كل ذلك، أملٌ بغدٍ أفضل وشوقٌ لعالمٍ أجمل، فيه عدلٌ ومساحةٌ للسعادة والأحلام. كما تزخر قصص الكاتبة بالاهتمام بالحيوان، شريك الإنسان ورفيقه منذ بدء الخليقة. وهناك أيضاً احتفاءٌ بالأماكن والأزمنة كما البشر، وبين طيات كل ما تنبثق أفكارٌ... تتميز عادةً ببعدها الإنساني والفلسفي والوجودي، وإشاراتها الصريحة إلى الفنون وانخراطها الدائم في قضايا الإنسان، إلى جانب جمالها وأثرها العميق في نفوس من يتذوقها. قصص الكاتبة لمياء نويرة بوكيل ليست سياسية. ومع ذلك، فهي ليست بمعزل عن السياسة التي تُلقي متغيراتها بظلالها على جميع مناحي الحياة وأحوال الشعوب، ولا هي بمعزل عن العالم الذي توحشت فيه التكنولوجيا، فتوحشت الحياة، وزاد فيه غربتها، وهذا ما دفع الكاتبة -كما تقول- إلى تخفيف وطأة هذا الواقع بمنح قصصها المتجذرة في تربتها جرعة من الخيال والتشويق، والطرافة، والغرابة، واللاواقعية، وإلهام روح متنامية وممتدة في جذورها المحلية لتلامس العالم الأوسع. قد تبدو القصص في قراءة أولى لأمر محلي. إلا أن القراءة العميقة والثاقبة سرعان ما تكشف أنها مليئة بروح العالمية والانتماء للإنسان أينما كان، حاملةً صوته، وهمه، وأحلم بلا هوادة. ولذلك، "أحببته وآمنت به، فأهدت الكاتبة كتاباتها إليه".